
خلال التغيرات الكبرى التي حدثت عند بداية عصر التنوير، أتيحت الفرصة لظهور احترام جديد للعقلانية والنفعية، وللتركيز على التعليم بصفته معيار الأول للمفاضلة وتجاهل اعتبارات الشرف والوجاهة. ومع هذا التغيير تغيّرت طرق لباس الرجال لتصبح أكثر عملية ومناسبة للثورة الصناعية والأعمال الشاقة التي يقوم بها الفرد في ذلك الوقت. وفي إنجلترا، بدأ الأرستقراطيون في ارتداء أزياء تلائم عملهم في إدارة العقارات المحلية. كانت هذه هي النقطة التي تخلّى فيها الرجال عن أزيائهم الفاخرة وعن ارتداء المجوهرات ذات الألوان المشرقة والكريستالات اللافتة للانتباه. ولم تعد ملابس الرجال تدل على الاختلاف الطبقي بين أفراد المجتمع، بل أصبحت تميل إلى إبراز الفرق أكثر بين الجنسين، وبدأت بالابتعاد والتميّز عن أزياء السيّداتوهنا يبدأ النقاش حول كيف أن الرجال، بغض النظر عن اختلاف طرق تربيتهم، وأماكن ولادتهم، إذا تم تعليمهم بشكل جيّد فإن بإمكانهم أن يصبحوا مواطنين عاملين وملتزمين بزي يناسب أهداف أعمالهمأما النساء، في الطرف الآخر، تغلب عليهن قوة العاطفة والوجدان. وتبدأ رغبتهنّ في التعلّق بالانتقاء اللاعقلاني للأزياء، والكعب العالي -عندما نستثني منه استخدامه الأصلي الذي وضع لأجله في الأساس، وهو ركوب الخيل- نجد أنه مثال واضح يعبّر عن حبّ السيدات للأزياء الغير عمليةولاحظ الرجال أن ارتداءهم للكعب العالي تصرف أحمق ومخنث. وفي عام ١٧٤٠ توقف الرجال عن ارتداء الكعب دفعة واحدةوبعد ٥٠ عامًا من هذا التاريخ، اختفى الكعب العالي من أقدام السيدات أيضًا. وأصبح مهمًلا بعد انتهاء الثورة الفرنسيةولكن الكعب العالي عاد للظهور لدى السيدات مرة أخرى، في منتصف القرن التاسع عشر، وذلك بعد أن تشكّلت صورة ذاتية أخرى أكثر وضوحًا للمرأة، وأصبح الكعب العالي جزءًا مهمًا يعبر عن هذه الصورة ويميّزها بوضوح في الحضارة الحديثة